291 ـ داود باشا ( 1774 ـ …. )

داود باشا: آخر الولاة المماليك، ( ويسمون بالتركية كوله ) من الذين حكموا العراق. كرجي الأصل، مستعرب. جلبه بعض النخاسين إلي بغداد وعمره 11 سنة، فاشتره أحد الولاة ( سليمان باشا ) وعلّمه، وأجازه علماء العراق، وتقدم في الخدم السلطانية إلي أن جعله سعيد باشا ابن سليمان باشا قائداً لجيش العراق سنه 1229هـ، وكانت الفوضى عامة فقضى عليها، وخافه سعيد باشا، فعمل علي التخلص منه ولو بالقتل، وشعر داود بذلك، فترك بغداد إلي كركوك، فكتب إلي الآستانة، فجاءه فرمان بولاية بغداد وعزل سعيد. فتولى حكم بغداد في الفترة ( 1817 ـ 1831م )، وحكم البلاد حكماً مطلقاً مقلداً محمد علي باشا والي مصر، في كثير من الأمور. وقتل سعيداً وآخرين.
وفي عهده تمت بعض الإصلاحات، ووقعت بعض المذابح. فما أن تسلمّ الولاية حتى حاول تصفية نظام الامتيازات التي كانت عبئاً ثقيلاً على كاهل التجار المحليين والذي كان قد ضَمِن عدداً من الامتيازات لشركة الهند الشرقية ووكلاتها، ومعظمهم من الفرس، حيث جردوا من امتيازاتهم ووضعوا على قدم المساواة مع التجار المحليين عام 1821م. فردت الشركة على هذه الإجراءات بحرب حقيقية. وباءت محاولة تأمين مصالح التجار المحليين بالفشل.
وواجه داود باشا القبائل العربية والكردية بقبضة حديدية وعنف شديد بهدف القضاء على الانفصالية الإقطاعية والقبلية وسعياً وراء مركزة العراق تحت سلطته. ووجد صعوبة في إخماد ثورات العشائر الكردية بسبب دعم القوات الفارسية لها مما أدى إلى حرب إيرانية ـ عثمانية عام ( 1821 ـ 1823م )، تفوق فيها الفرس وأدى ذلك إلى توقيع صلح ( أرضروم ) في ( مارس 1823م ) حيث ظلت كردستان بموجبه تحت سلطة الباشوات الأتراك.
وبحثاً وراء زيادة موارد الولاية، فرض داود باشا احتكار شراء وتصدير الأصناف الرئيسية من المنتجات العراقية، القمح، الشعير، التمر، الملح، وامتلك المراكب التجارية النهرية والبحرية وحاول زراعة القطن وقصب السكر.
وفي عام ( 1829م )، أعلن داود باشا تمرده على الباب العالي، وكون جيشاً كبيراً، وطمح في الاستقلال عن الدولة العثمانية، محاولاً استغلال هزيمة الأتراك أمام روسيا. فأرسل الباب العالي جيشاً بقيادة علي باشا رضا، والي حلب، فانهزم داود باشا أمامه عام ( 1831م ).
أُختلف في تاريخ وفاته فذكرت بعض أنه توفي سنة 1831، وذكرت مصادر أخري 1851.